هل شعرت في يوم أنك ميت؟
يومك مثل أمسك مثل يومك المقبل؟
هل شعرت بأن علاقتك بعائلتك هي علاقة الميت بورثته؟ المال؟ و بعض السير و الأخبار؟
هل شعرتي بأن كل علاقتِك بأسرتك هي علاقة الوصايا و الدعاء؟
هل مازلت تشعر بلذة الحياة و الحركة و الإكتشاف، أم تتوق نفسك إلى الراحة و السكينة و السكون؟
هل أنت ممن يتذكرون الحبيب بعد الوفاة أم في الحياة؟
هل تجاريها و هي تتطلب الحياة؟ هل تجاريه؟ ام ترد بأحد الردين الشهيرين: أريد الراحة، أو ، لقد كان هذا في الماضي و لكن مضى الزمان.
نعم مضى، و لكن هل إعترفت أنه مضى قبل الأوان؟
و لكن متى مت؟
منذ متى؟ و من الفاعل؟
هل مات كل الناس ؟ أم أنت فقط؟
لماذا نغار عندما ننظر لمن يعيش حياته بالطول و العرض غير مكترث لأي دين أو عرف ؟ و كل ما نواسي به أنفسنا أن نهايته العذاب الأليم؟
هل أجيبك؟ هل أريحك؟
أنت السبب، و لكن لست وحدك.
لقد بدأ الموت يوم ولادتك، حينما منعوك من طلب الغذاء و الحنان، و حددوا مواعيد الرضاعة و الدلع و كيفيته.
لقد كان عندما منعوا والدك بإسم التقاليد أن يرعاك و يحملك و يطعمك و يسهر على راحتك، فهو الرجل و هذه الشئون هي شئون النساء.
ثم منعوا والدتك، إن كنت ولد، أن تدللك و تأخذك في حضنها لأنك ستكون رجل، و الرجال لا يبكون و لا يُدللون.
و إن كنتي بنت، فلقد قهروكي بالتفرقة في الممنوعات و المسموحات في نفس الوقت لأخوكي. فالحرام و الغلط فقط للبنات، و لكن في حياة الشباب فهي خبرة!
أما التعليم، فهو ثماني إلي تسع أشهر بلا حياة للأسرة بأكملها، فالإستيقاظ و النوم و ما بينهما مسخر من أجل الحصول على درجات تؤهل الطلاب من العبور إلى السنة الدراسية التالية، ثم التالية ، فالتالية….،
و الصيف إما بدون الأب الذي يجب أن يعمل ، أو وجوده معهم مجرد أسبوع أو إثنين في السنة، و إلا فقد عمله…
و أما العمل ، فهو حسب ما يفرض على المرء من أجل الإسترزاق، و هو اليوم مثل كل يوم، و العربة مثل التابوت، تنقل الميت المرهق من مكان إلى مكان.
ثم يعود إلى بيته ليحسب كم تبقى من الوقت قبل الدفن، فهو لا ينسى سورة “التكاثر”، و لكنه ينسى ما يجب فعله “حتى” نزور المقابر، و “حتى” حرف جر يفيد طول المدة، ولكن ماذا سيفعل الأموات في تلك المدة إلا إنتظار الدفن؟ و حساب ما يمكن أن يكون عندما يحين أن يكون؟ و ليس من أجل الحياة…
فلمتى سترضى، و تبقى ميت؟
لماذا تكون الحياة فقط ملك من يتخطى الحدود و الأعراف حتى يشعر بنبضات قلبه ، و بوهج العواطف التي تتوق للمجهول؟
لماذا يحيا مَن من االأفضل أن يموت، و يموت مَن من الأفضل أن يحيا و يعمر الأرض؟
فلنعيد النظر في حياتنا، بل في موتنا، و نبدأ الحياة، مع من نحب، و من يريد أن يحبنا و يحيا معنا.
لا تموتوا و تميتوا أحباءكم.
فلنعيش “حتى” نزور القبور، ثم نذهب إلى الجنة إن شاء الله.
أللهم أرزقنا الحياة كما ترضاها ، و الآخرة كما ترضاها.