أما الفيلم الثاني الذي قدمته في هذا العام فكان «التلميذة».
وفي عام 1966 قدمت شادية فيلم «شيء من الخوف» مع المخرج حسين كمال، الذي يعد من ابرز افلام السينما المصرية وأحد علاماتها الفنية المميزة، وكان من تأليف الأديب ثروت اباظة، وشاركها بطولته الفنان الراحل محمود مرسي. وهو الفيلم الذي اعترضت عليه الرقابة الفنية وقتها، بدعوى ان شخصية عتريس الطاغية، ما هي الا شخصية الرئيس جمال عبد الناصر. الا ان ناصر اجاز عرض الفيلم بعد مشاهدته له، مؤكدا على مستواه الفني الرائع.
علاقة شادية بالسينما الكوميدية علاقة وثيقة وقوية، بعدما نجحت في تقديم مجموعة من الافلام الرائعة، التي كونت فيها ثنائيا مع المخرج فطين عبد الوهاب، الذي قدمها في افلام منها «كرامة زوجتي» و«عفريت مراتي» و«مراتي مدير عام» وكانت كلها مع الفنان صلاح ذو الفقار الذي كان قد تزوجها عام 1965 بعد قصة حب عنيفة استمرت حتي انفصالهما عام 1972.
كما قدمت فيلم «نصف ساعة زواج» مع الفنان رشدي اباظة. الطريف ان شادية برعت في اللون الكوميدي وتميزت فيه ببساطة الاداء والاعتماد على الموقف لانتزاع الضحك من أفواه الجماهير، إلى الحد الذي ما زالت تعلق في اذهان الجماهير بعضا من عبارات رددتها شادية في هذه الافلام. مثل عبارة «حواش.. شيلني يا حواش»، التي قالتها في فيلم «عفريت مراتي». وعبارة «دوتوري أوسني» التي كانت ترددها في فيلم «نصف ساعة زواج».
وكان مجيء السبعينات ايذانا بمرحلة جديدة في حياة شادية الفنية حيث قدمت في مطلعها فيلم «نحن لا نزرع الشوك»، الذي نجح بشكل كبير إلى الحد الذي دفعها لتقديمه كمسلسل اذاعي بعدها. كما قدمت في هذه الفترة فيلم «الشك يا حبيبي»، الا ان ظهور نجمات جدد بمعايير تناسب تلك المرحلة، كان دافعا لشادية للابتعاد عن السينما التي رحبت بالجيل الجديد من النجمات، ومنهن نجلاء فتحي وميرفت أمين. لتختفي شادية عن الشاشة الفضية لسنوات طويلة. وتعود بعدها في عام 1984، وتقدم فيلم «لا تسألني من أنا» - وهو آخر أفلامها- مع حسين كمال وقدمت فيه شخصية أم تضطرها ظروفها للتنازل عن طفلتها الرضيعة لإحدى السيدات من الاثرياء. وشاركها بطولة الفيلم عدد من النجوم الشباب في وقتها على رأسهم يسرا وهشام سليم والهام شاهين وفاروق الفيشاوي.
وفي نفس العام قدمت شادية مسرحية «ريا وسكينة»، التي تشاركت بطولتها مع الفنانة سهير البابلي والراحل عبد المنعم مدبولي وأحمد بدير. واستمر عرض المسرحية لفترة طويلة حققت فيها نجاحا مبهرا، وكأنها اعتادت الوقوف على خشبة المسرح طيلة حياتها الفنية.
وفي عام 1986 أحيت الفنانة شادية الاحتفال بالمولد النبوي، وغنت اغنيتها الأخيرة «جه حبيبي وخد بإيدي»، وكانت من كلمات الشاعرة علية الجعار. وتساقطت دموعها اثناء الغناء، وعاشت حالة من الوجد الذي جعل الجمهور يصفق لها مع انتهائها من كل مقطع. ولتقرر بعدها اعتزال الفن وارتداء الحجاب.
وكما كانت شادية رائعة في التمثيل، كانت رائعة في الغناء، ونجحت في تقديم لون مختلف في الغناء
بصوتها الناعم وبأسلوب مختلف عما كان سائدا وقت ظهورها، ويؤكد الموسيقيون على ان الفنان محمد فوزي، الذي قدمت معه شادية فيلم «العقل في اجازة»، كان المشجع الاول لصوت شادية ورسم لها الخريطة التي سار عليها فيما بعد الملحنون الذين تعاملت معهم. ومن بينهم منير مراد ومحمود الشريف.
وبعد كل هذه السنوات، تبقى شادية واحدة من أبرع الفنانات اللاتي ظهرن على الساحة الفنية العربية، حتى ان البعض صنفها كأفضل ممثلة في القرن الماضي، نظرا لقدرتها على الأداء المتنوع المتلون، الذي لم تجده غيرها. فقدمت الفتاة البسيطة، وبنت الليل، والام والفتاة الشعبية، والزوجة الخائنة، والكوميديانة القادرة على انتزاع الضحكات. وحتى عندما اتخذت قرار الاعتزال والابتعاد عن الساحة الفنية، أجادت ذلك الدور، مفضلة حفظ خزينة ذكرياتها في حافظة الزمان.
"لأننى فى عز مجدى أفكر فى الإعتزال لا أريد أن أنتظر حتى تهجرنى الأضواء بعد أن تنحسر عنى رويداً رويداً ... لا أحب أن أقوم بدور الأمهات العجائز فى الأفلام فى المستقبل بعد أن تعود الناس أن يرونى فى دور البطلة الشابة .. لا أحب أن يرى الناس التجاعيد فى وجهى و يقارنون بين صورة الشابة التى عرفوها و العجوز التى سوف سيشاهدونها .. أريد أن يظل الناس محتفظين بأجمل صورة لى عندهم و لهذا فلن أنتظر حتى تعتزلنى الأضواء و إنما سوف اهجرها فى الوقت المناسب قبل أن تهتز صورتى فى خيال الناس"