** لم يكن يوم الإثنين من الأيام ذوات الشرف عند العرب ولا عند غيرهم من الأمم فلقد كان يوم الجمعة هو المعظم عند العرب وكان يسمي قبل الإسلام بيوم العروبة وكان يوم السبت معظماً عند اليهود ويوم الأحد معظما عند النصاري فأراد الله تعالي أن يجعل ليوم الإثنين مكانة ومنزلة بمولده- صلي الله عليه وسلم- حتي يكون اليوم هو الذي تشرف بالرسول- صلي الله عليه وسلم- وليس الرسول- صلي الله عليه وسلم- هو الذي تشرف به.
ولم يكن مولد الرسول- صلي الله عليه وسلم- فقط هو الذي كان في يوم الإثنين فإن بعثته- صلي الله عليه وسلم- وهجرته ووفاته كانت في يوم الإثنين ولذا كان الرسول- صلي الله عليه وسلم- يخصه بالصيام احتفاءً به وعناية بشأنه.. روي الإمام مسلم عن قتادة- رضي الله عنه- قال: سئل رسول الله- صلي الله عليه وسلم- عن صوم يوم الإثنين فقال: فيه ولدت وفيه أُنزل علي ومعني الحديث: أن السائل رأي النبي- صلي الله عليه وسلم- يصوم يوم الإثنين كثيراً فسأله عن الحكمة في تخصيصه هذا اليوم بالصيام فأجابه- صلي الله عليه وسلم- بأنه يوم عظيم فيه أنعم الله عليه بنعمتين: أنه ولد فيه وأنَّه بعث فيه ومن بركة هذا اليوم أن أبا لهب عم النبي- صلي الله عليه وسلم- يُخفف عنه العذاب في قبره مع أنه مات علي الكفر وذلك لسروره بمولد الرسول- صلي الله عليه وسلم- وعتقه لجاريته ثويبة التي أرضعته- صلي الله عليه وسلم- صغيراً.
قال ابن الجزري- رحمه الله تعالي- قد رئي أبولهب بعد موته في النوم فقيل له: ما حالك؟ فقال: في النار إلا أنه يخفف عني كل ليلة اثنين وإن ذلك بإعتاقي لثويبة جاريتي عندما بشرتني بولادة محمد- صلي الله عليه وسلم- وبإرضاعها له وإذا كان هذا هو حال أبي لهب الكافر الذي نزل القرآن بذمه لفرحه ليلة مولد محمد- صلي الله عليه وسلم- فما حال المؤمن الموحد من أمة محمد- صلي الله عليه وسلم- الذي مات موحداً.
ومن هنا تكون قد ظهرت الحكمة في مولده- صلي الله عليه وسلم- يوم الإثنين- والله أعلم.
المصدر: مجلة " عقيدتي ".